يعتبر دير مار جرجس الحميراء من الآثار الهامة في محافظة حمص
فضلاً عن قيمته الدينية لدى جميع الأديان
والطوائف, بدليل النذور والأضاحي التي تقدم له أيماناً بقدرة شفيعه على شفاء الأمراض. ويقع دير مار جرجس الحميراء في وادي النصارة بمنطقة تلكلخ
إلى الغرب من مدينة حمص ويبعد عنها حوالي 60 كيلومترا وهذه المنطقة جبلية تكثر
فيها الأمطار ويقابل الدير من الجنوب سفح جبل عمار الحصن المليء بالأشجار الدائمة
الخضرة والذي يحتضن في طرفه الشرقي قلعة الحصن الشهيرة التي كانت حصناً جدد بناؤه
الصليبيون وإلى جوار الدير يقع نبع الفوار الشهير بفيضانه بين حين و آخر. كان
الدير في القديم كهفاً تحيط به أكواخ الرهبان
البسيطة وكان مدخله من الجهة الجنوبية من الحجر الأسود بارتفاع 93×64 سم. وكان الرهبان
وأخوة الدير يناولون الطعام من نافذة حجرية فيه للمحتاجين وعابري السبيل
ويلقنوهم قواعد الدين والآداب إلى أن جاء القرن الثاني عشر فبنوا
الكنيسة القديمة في الدير. وفي
القرن السابع عشر بدئ ببناء الكنيسة الجديدة فوق
الدير القديم والكنيسة القديمة واكتمل البناء في1857م. وبعدها بوشر ببناء الطابق
العلوي الذي يحوي 55 غرفة للزوار واكتمل البناء مع بداية القرن العشرين. تحول
الدير القديم إلى الكنيسة القديمة التي بنيت في
القرن الثاني عشر فوق الكهوف وتتصل ساحتها عبر بوابة الدير الغربية بساحة كبيرة بنيت
فيها قاعة على شكل قنطرة أبعادها 7×9م وخصصت لإيواء عابري السبيل وراحة الزوار كما
بني فيها مستودع للزيت والتبن والخمور. أما البوابة فكانت مخصصة لإدخال النذور من
خيول ومواش. وتحوي الكنيسة القديمة أيقونسطاسا قديم من الخشب جرى تجديده بعد تعرضه
لحريق بخشب الأبنوس المستورد وعليه نقوش ورسوم تمثل الشخصيات والحوادث الدينية
كبشارة العذراء مريم والقديس جاورجيوس والقديس ديمتريوس وملائكة ونسور وطيور تحمل
زهوراً وأغصان الزيتون. يزداد
عدد زوار الدير بشكل خاص في عيد شفيع الدير 6
أيار وعيد رفع الصليب في 14 أيلول. ويلفت النظر في الكنيسة الجديدة الأيقونسطاس
الخشبي الذي استمر النقش فيه من 1865 إلى 1899 م. أما الطراز الهندسي للكنيسة الجديدة
فهو مزيج من الفن العربي والبيزنطي والأعمدة من الفن القوطي. وقد تم في بداية
العام 2006 تخصيص غرفة بالقرب من الكنيسة الجديدة لتكون متحفاً للدير يضم أيقونات
من الفن البيزنطي والمدرسة الكريتية صورت في القرنين 17 و 18 مع نسخة مخطوطة
تعرف بوثيقة عمر بن الخطاب موجهة لكنائس الشرق وعليها تواقيع عشرات قادة العرب
المسلمين إضافة إلى حجر عليه كتابات عربية تعود للقرن الثامن الميلادي وخوابي
من القرن 17 وما بعد كانت مخصصة لحفظ الزيوت والزيتون والخمور. وتضم المحتويات أيقونة
الأربعين شهيداً بالفن البيزنطي في القرن 17 وأيقونتا آلام ودفن المسيح من
القرن 18 وأيقونة القديس جاورجيوس مع صور تحكي قصة جهاده واستشهاده وهي من المدرسة
الكريتية في القرن 18 وأيقونة مريم العذراء تحيط بها 24 صورة وهي من الفن
البيزنطي في القرن 18 إضافة إلى حجر عليه كتابة عربية صعبة القراءة. |